لو جاءك خبر سار من صديقة عزيزة على قلبك تخبرك بأنها ستحل ضيفة عليك ،
بالطبع ستبرق ثناياك ، وستسرين كثيراً وتنتظرين بفارغ الصبر لحظات زيارتها
الميمونة .
وإذا قرع جرس الباب ستنهضين بغير شعورك مستقبلة تلك الضيفة الغالية بشوق عارم تعلوه ابتسامة براقة .
ما بالك بضيف خفيف الظل يأتي ومعه خيراااات عظام .
يأتي ومعه بشائر ساره ، يأتي ومعه نفحات ونسائم رقرااااقة .
يأتي ومعه الروح والريحان ، يأتي والكل في شوق وفي لهفة إلى محياه الجميل .
لقد عم الكون خشوع وخضوع لجلال قدرك يا ضيفنا الغالي ،،،،
أهلاً وسهلاً ومرحباً بك يا شهر رمضان .
هل تسمح لي يا شهر رمضان بأن أعرف بك جيداً ؛ لأن ثنائي عليك وحبي لك يجعلني أفيض بمشاعري نحوك .
شهر رمضان لك الشرف كل الشرف أن نزل فيك أشرف وأطهر كتاب على وجه الأرض وهو
القرآن الكريم : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من
الهدى والفرقان ) سورة البقرة آية 185 .
فيك يا شهر رمضان تفتح أبواب الجنة الثمانية ، نعم أبواب الجنة الثمانية ،
وهذه المنزلة لا نجدها في غيرك من الشهور ، ليس ذلك فحسب وإنما تغلق فيك
أبواب النار كلها ، وتصفد مردة الشياطين كما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ
: ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين )
أنت يا شهر رمضان موسم عظيم للمتاجرة مع الله ، وسبب من أسباب مغفرة الذنوب
ومحو السيئات كما قال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : ( من صام رمضان إيماناً
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
في كل ليلة من لياليك يا شهر رمضان يكثر العتقاء فيك من النار كما قال ـ صلى
الله عليه وآله وسلم ـ : ( إذا كان أول ليلة في شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة
الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق
منها باب وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله
عتقاء من النار وذلك في كل ليلة )
العمرة فيك يا شهر رمضان تعدل أجر حجة والدليل على ذلك قول المصطفى ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : ( عمرة في شهر رمضان تعدل حجة )
وأجمل ما فيك يا شهر رمضان تلك الليلة العظيمة التي تنزل فيها الملائكة وجبريل
ـ عليه السلام ـ تلك الليلة التي هي خير من ألف شهر، إنها ليلة القدر
الليلة المباركة التي قال الله تعالى عنها : ( ليلة القدر خير من ألف شهر
. تنزل الملائكة والروح فيها . بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع
الفجر )سورة القدر آية 3 ـ 5 .
فيك يا شهر رمضان يحلو الصيام ، بل يفرح المؤمنون به فرحاً عظيماً كما قال ـ
عليه السلام ـ : ( وللصائم فرحتان ، فرحة حين يفطر ، وفرحة حين يلقى ربه ،
ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )
أما الجود والكرم ، والصدقات ، والأيادي البيضاء فتكثر فيك يا شهر رمضان ، بل يفرح الفقراء كثيراً بنزولك ضيفاً علينا .
ولقد كان ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : ( أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة ) متفق عليه .
أما القرآن ، وما أدراك ما القرآن في شهر رمضان .....
له مذاق خلاب وحلاوة ممزوجة بلذة عجيبة ...
تقرأ القرآن في ليالي مقمرة سحرية ملائكية ...
ليالي عاطرة ، تتعالى فيها أصوات التالين لكتابك العظيم بأصوات عذبة رقراقة ترتل القرآن ترتيلا ، بل تحبره تحبيرا .
يتسابق المتسابقون في شهر رمضان ، ويتنافس المتنافسون فيك يا شهر رمضان ما بين
تالٍ للقرآن يتلو آياتٍ وآيات ، ويختم ختماتٍ وختمات ، وما بين راكع ساجد
في جنح الليل البهيم يمرغ جبهته ساجداً لله رب العالمين تتقاطر دموعه حسرة
وندامة على ما جنته يداه ، تتسابق عبراته وهو يناجي ربه : ( رب اغفر لي
خطيئتي يوم الدين ) .
يتنافس أهل الثراء والنعمة في شهر رمضان فتمد الموائد الرمضانية هنا وهناك
لإفطار الصائمين والصائمات ، وتتزايد الصدقات وتكثر حتى يقول الفقير : (
ليت كل الشهور رمضان ) .
يجلجل النداء في سماء شهر رمضان : ( يا باغي الخير أقبل ) فتزكو النفوس وتصح
الأرواح في صلاة خاشعة مطمئنة هي صلاة التراويح يشدو فيها القارئ بصوته
الندي العذب معلناً بدء ليلة روحانية من ليالي شهر رمضان المبارك.
بعد هذا كله ، كيف لا نشتاق إلى مرآك ، ونحن نقضي أحلى الأوقات وأسعد الذكريات معك يا شهر رمضان .
كيف لا يا شهر رمضان ، وأنت الضيف العزيز على قلوبنا جميعاً .
أهلاً وسهلاً ومرحباٍ بك يا شهر رمضان .
اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والتوفيق لما تحب وترضى .